قضية آلاء الهمص ووالدها.. تحذيرات حقوقية من تحول الابتزاز الأسري إلى منهج ثابت
قضية آلاء الهمص ووالدها.. تحذيرات حقوقية من تحول الابتزاز الأسري إلى منهج ثابت
كشف المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى معلومات موثقة تفيد بأن السلطات الإسرائيلية تستغل المعتقلة الفلسطينية الممرضة آلاء مروان الهمص للضغط على والدها المعتقل الدكتور مروان الهمص بهدف إجباره على تقديم اعترافات تخدم رواية الإسرائيلية في ملفات أمنية محددة، ويعكس هذا السلوك، وفق المركز، درجة غير مسبوقة من الانحدار الأخلاقي الذي وصلت إليه المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، حيث باتت عائلات الأسرى وذووهم جزءا من أدوات الابتزاز المستخدمة داخل غرف التحقيق.
وفق بيان المركز الصادر، اليوم الاثنين، تفيد المعطيات بأن آلاء الهمص احتجزت بطريقة وصفت بأنها أقرب إلى الاختطاف منها إلى الاعتقال الرسمي، في ظل تعتيم كامل على مكان وجودها وظروف احتجازها، وقبل ذلك اعتقلت قوات الإسرائيلية والدها من مكان عمله من دون إبراز أي مذكرة قانونية أو تقديم تفسير واضح للواقعة، ويوضح المركز أن هذه السياسة ليست استثناء، بل تكرارا لأساليب استخدمت في فترات سابقة، حين عمد إسرائيل إلى اعتقال أبناء أو زوجات أو أشقاء الأسرى للضغط عليهم أثناء التحقيق.
ويؤكد مختصون نفسيون أن هذا النوع من الترهيب يترك آثارا قاسية تمتد لسنوات طويلة، إذ يشعر المعتقل بأنه مسؤول بشكل غير مباشر عن معاناة أحبائه، ما يضعه تحت ضغط نفسي هائل قد يقوده إلى انهيار قسري أثناء التحقيق.
غياب الموقف الدولي
يشير المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى إلى أن ما يحدث مع عائلة الهمص لم يستدع أي موقف دولي واضح حتى الآن، رغم أن الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة، تحظر بشكل قاطع ممارسة الضغط على المعتقل عبر أفراد أسرته، كما يحظر القانون الدولي احتجاز المدنيين كرهائن أو استخدامهم كوسيلة مساومة تحت أي ظرف.
ويؤكد المركز أن صمت الجهات الدولية يعزز شعور السلطات الإسرائيلية بإمكانية مواصلة هذه الممارسات بلا رادع، ويفتح الباب أمام تكرارها بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين.
وتشير تجارب سابقة إلى أن الضغط على الأسرى عبر ذويهم ليس حوادث منفصلة، بل جزءاً من منظومة تعامل اعتمدتها السلطات الإسرائيلية منذ سنوات طويلة، فقد وثقت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية شهادات لأسيرات فلسطينيات أفدن بأن تهديد أبنائهن أو اعتقال أزواجهن كان جزءا من محاولات انتزاع الاعترافات.
وفي حالات أخرى، استخدمت السلطات الإسرائيلية المنع من الزيارة أو الاحتجاز التحفظي لعائلات الأسرى كوسيلة انتقامية يهدف من خلالها إلى كسر إرادتهم أو إجبارهم على التعاون مع أجهزة التحقيق، وتعتبر هذه الممارسات، وفق القانون الدولي، شكلا من أشكال العقاب الجماعي الذي يصنف كجريمة حرب.
صمت إعلامي
يلفت المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى إلى أن اختطاف آلاء الهمص لم يحظَ بتغطية واسعة في الإعلام العالمي، رغم أن القضية ترتبط بشكل مباشر بحقوق الإنسان الأساسية، ويعكس هذا التجاهل، من وجهة نظر المركز، خللا في تناول الإعلام الدولي للانتهاكات الإسرائيلية، مقارنة بسرعة التفاعل في حالات مشابهة تجري في دول أخرى.
ويرى محللون أن هذا التفاوت يخلق بيئة سياسية تسمح للاحتلال بالمضي قدما في ممارساته دون خشية من المحاسبة، خاصة في ظل انشغال المجتمع الدولي بأزمات عالمية أخرى.
اختتم المركز بيانه بدعوة جميع الجهات المعنية، ومن بينها المؤسسات الحقوقية الدولية والأمم المتحدة، إلى التدخل العاجل للكشف عن مكان احتجاز آلاء الهمص ووالدها، وضمان الإفراج الفوري عنهما. كما طالب بوقف استخدام ذوي الأسرى الفلسطينيين كوسائل ضغط، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات التي وصفها بأنها جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى قمع الفلسطينيين وإسكات أصواتهم.
وأكد المركز أن قضية عائلة الهمص ليست سوى مثال واحد على سلسلة طويلة من الإجراءات التعسفية التي تطال الأسرى وعائلاتهم، وأن استمرارها يهدد بنسف أي إمكانية لخلق بيئة قانونية أو إنسانية محترمة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تعتمد السلطات الإسرائيلية منذ عقود سياسة اعتقال واسعة تستهدف الفلسطينيين، حيث تشير تقديرات إلى أن أكثر من مليون فلسطيني مروا بتجربة الاعتقال منذ عام 1967، وترافق هذه السياسة سلسلة من الانتهاكات التي تشمل الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، واحتجاز القاصرين، ومنع الزيارات العائلية، إضافة إلى أساليب ضغط نفسية تشمل تهديد الأسرة أو اعتقال أفراد منها.
انتقادات للسلطات الإسرائيلية
أصدرت منظمات الأمم المتحدة مرارا تقارير تنتقد فيها إجراءات السلطات الإسرائيلية في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين، مؤكدة أن بعضها يصل إلى مستوى التعذيب وسوء المعاملة، كما أدانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر القيود المفروضة على الزيارات العائلية واستخدام العزل الانفرادي لفترات طويلة.
وتنص القوانين الدولية بشكل واضح على بطلان أي اعترافات يتم الحصول عليها تحت الضغط أو التهديد، وعلى وجوب توفير حماية خاصة للمعتقلين داخل السجون، بما في ذلك ضمان حقهم في التواصل مع ذويهم وعدم التعرض لأي شكل من أشكال الابتزاز أو الإكراه.
وفي ظل هذه المعطيات، يرى خبراء القانون الدولي أن استمرار السلطات الإسرائيلية في هذه السياسات، إلى جانب غياب المساءلة الدولية، يعزز بيئة الإفلات من العقاب، ويدعو إلى مراجعة شاملة للدور الدولي تجاه حماية حقوق الأسرى الفلسطينيين وذويهم.











